الجمعة، 19 فبراير 2010

بلجيكا وحملة الاسلام

على لسان فانديرميرس..

صباح الخامس من آذار الجاري، وفي سابقة هي الأولى من نوعها في بلجيكا، وزعت صحيفة "ده ستاندرد "De Standard" كبرى الصحف البلجيكية والأوسع انتشاراً، نسخة مجانية بالهولندية من القرآن الكريم مع كل عدد من أعدادها الصادرة ذلك اليوم، وكنت تابعت الحملة الإعلانية الضخمة التي نظمتها الصحيفة عن هذا الحدث في الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية المختلفة، فخرجت في ساعة مبكرة لأحصل على نسخة قبل نفادها من السوق، لكني بالرغم من تبكيري لم أجد إلا عددا من الصحيفة في دكان قريب من بيتي، ولم تكن نسخة القرآن طيّه.


أخذتُ العدد ووقفت في طابور المشترين كي أدفع الثمن. كان هناك ما لا يقل عن عشرة طلاب بين الثامنة عشرة والعشرين يسبقونني في الطابور الذي تلوّى مثل ثعبان في ممرات المحل الصغير. جاء دوري أخيراً، فقلت للبائع وأنا أسدّد الثمن: أين نسخة القرآن المجانية؟ فقال إن عليَّ الذهاب إلى دار "ستاندرد بوكهاندل "standard bookhandel" للنشر والتوزيع. أعطاني السنتات المتبقية ووضع في يدي مغلفاً أزرق خصّص للخمسة عشر ملحقاً التي ستصدر تباعاً عن الإسلام خلال الأيام المقبلة. فتحتُ المغلّف الورقي السميك لأجد في داخله أول ملحق في إحدى عشرة صفحة بعنوان "الإسلام الآن".

في الصفحة العاشرة من الجريدة، قرأتُ تفاصيل الحصول على النسخة المجانية من القرآن، فقررت الذهاب إلى دار النشر الموجودة في وسط مدينة أنتويرب حيث أقيم، وهناك فوجئت بأني لا أستطيع الدخول. فطابور الذين جاؤوا مبكرين مثلي امتد حتى رصيف الشارع. كان عليَّ إذاً الإنتظار تحت المطر الخفيف الذي بدأ بالتساقط. أخذت مكاني خلف آخر شخصين في الطابور. كانا زوجين عجوزين، يحمل الرجل في كفه اليمنى الوثيقتين اللتين سيحصل بموجبهما على نسختي القرآن، في حين كانت زوجته تتحدث طوال الوقت عن أحد أساتذة التاريخ الإسلامي أيام الجامعة، وكان كاثوليكياً منفتحاً على الديانات الأخرى. كان الزوج يستمع إليها بنصف انتباه، وهي لا تني تعيد كل جملة تقولها، مرددة: "سوف تستمتع بقراءة هذا الكتاب الغريب، ألم أحدثك عنه مراراً، كان عليك أن تقرأه من قبل".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق